الايجابيه الدرس الثاني قيمة الايجابيه واهميتها

 بسم الله الرحمن الرحيم
نتكلم عن الايجابيه الدرس الثاني
قيمة الإيجابية وأهميتها:

 
بعد ان تكلمنا في الدرس الاول عن طريقه تقدم الدول
الإيجابية هي الروح التي تدب في الأفراد فتجعل لهم قيمة في الحياة، وتدب في المجتمع فتجعله مجتمعًا نابضًا بالحياة، وهي الدليل الهادي والخريت([1][1]) الذي لا يضل الطريق، والأمل الذي لا يتبدد، والمطية التي لا تكبو، وهي صمام أمان للجميع، وهي جماع عدة أمور من أمر بالمعروف ونهي عن المنكر، وبر ووفاء وصدق عهد مع الله .... إلخ.
وتكمن أهمية الإيجابية -فيما نرى- في أنها([1][2]):                
1-تمنع من الانحراف في الدين
لو أن هذا الدين الذي ختم الله به الرسالات، وأكمل به الشرائع، تُرك لكل واحد أن يدلو فيه بدلوه بالزيادة أو النقصان، ماذا سيكون حال هذا الدين؟!
لابد أن النتيجة الحتمية هي التحريف في هذا الدين، وضياع صورته الحقيقية، وتشويه شكله، وطمس معالمه الأصيلة، وتزييف أهدافه النبيلة.
ولكن لو أن كل مسلم علم أنه على ثغر من ثغور الإسلام، وأنه مطالب بالحفاظ على هذا الدين من تحريف الغالين، وتأويل الجاهلين، وانتحال المبطلين، لظل هذا الدين في حصن منيع يستعصي على من يتربصون به الدوائر.
ومشكلة أي دين تكمن في الابتداع فيه؛ لذلك حذر النبي –صلى الله عليه وآله وسلم- منه، بل هدد وأوعد من يقدم على هذا الفعل فقال: "مَنْ أَحْيَا سُنَّةً مِنْ سُنَّتِي فَعَمِلَ بِهَا النَّاسُ كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا لاَ يَنْقُصُ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا، وَمَنْ ابْتَدَعَ بِدْعَةً فَعُمِلَ بِهَا كَانَ عَلَيْهِ أَوْزَارُ مَنْ عَمِلَ بِهَا لاَ يَنْقُصُ مِنْ أَوْزَارِ مَنْ عَمِلَ بِهَا شَيْئًا"([1][3]).
وصح عنه -صلى الله عليه وآله وسلم- أنه قال: "مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ فَهُوَ رَدٌّ"([1][4])، أي: مردود عليه غير مقبول منه.
والبدعة لا تقوم ولا تظهر إلا عند غفلة أهل الحق، وقعودهم عن القيام بالمسئولية المنوطة بهم، المعلقة في أعناقهم، فإذا وَجَدَتْ عند ابتدائها من يردها، فإنها ترجع مدحورة إلى جحرها، ولا تزال تطل برأسها بين الحين والآخر، وتنظر من طرف خفي حتى تجد الغفلة والسهو من أهل الحق فتعود من جديد.
وانظر -أيها القارئ الحبيب- إلى هذا الحديث الذي رواه مسلم من أن "أَوَّلُ مَنْ بَدَأَ بِالْخُطْبَةِ يَوْمَ الْعِيدِ قَبْلَ الصَّلاةِ مَرْوَانُ، فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ: الصَّلاةُ قَبْلَ الْخُطْبَةِ. فَقَالَ: قَدْ تُرِكَ مَا هُنَالِكَ.
فَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ: أَمَّا هَذَا فَقَدْ قَضَى مَا عَلَيْهِ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِصلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإِيمَانِ"([1][5]).
فهذا رجل من أهل السلطة يغير سنة من سنن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم، فيقوم إليه رجل مجهول لم نعرف عنه شيئًا، ولكنه احتسب تلك القومة عند الله، مهما كانت النتائج المترتبة على ذلك، وبعد ذلك يؤكد الصحابي الجليل أبو سعيد الخدري أن هذا الرجل قضى ما عليه، وهذا صحيح لا يماري فيه إلا منافق، وصدق رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- حيث يقول: " إِنَّ أَفْضَلَ الْجِهَادِ كَلِمَةُ حَقٍّ عِنْدَ سُلْطَانٍ جَائِرٍ"([1][6]).
وهناك مواقف عظيمة سجلها التاريخ لرجال خافوا على هذا الدين، فوقفوا في وجه الباطل مهما طغى وتجبر، وتصدوا للطغيان مهما بغى وتكبر؛ فها هو "قاضي البصرة إبراهيم بن محمد التيمي يقول: الخلفاء ثلاثة: أبو بكر يوم الردة، وعمر بن عبد العزيز في رد المظالم من بني أمية، والمتوكل في محو البدع وإظهار السنة"([1][7]).
وهذه كلمة حق وشهادة صدق لهؤلاء الأطواد الشوامخ من أطواد الإسلام.
فإيجابية صديق الإسلام وثاني رجل في أمة محمد -صلى الله عليه وآله وسلم- إيجابية مشرقة، فهو مثال ونموذج أعلى في الإيجابية، فقد وقف الصديق رضي الله عنه متوعدًا مانعي الزكاة قائلاً قولته المشهورة: "وَاللَّهِ لَوْ مَنَعُونِي عِقَالاً كَانُوا يُؤَدُّونَهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَى مَنْعِهِ"([1][8])، وبذلك قضى على مانعي الزكاة الذين كانوا يريدون أن يتملصوا من تعاليم الدين، ويتحللوا من فرائضه رويدًا رويدًا، لكنه رضي الله عنه أدبهم فأحسن أدبهم، وردهم إلى الجادة، وجعلهم يسيرون في قافلة التوحيد مرة أخرى، بعدما كادوا أن يَضلوا ويُضلوا.
فلولا أبو بكر الصديق رضي الله عنه ووقوفه في وجه المرتدين لكان حال الإسلام في الجزيرة العربية، بل والعالم أجمع غير تلك الصورة التي نعيشها الآن.
وكذلك الحال مع المتوكل الذي أبطل فتنة القول بخلق القرآن التي ابتدعها المعتزلة، واحتضنها ثلاثة من خلفاء بني العباس، وهم: المأمون، والمعتصم، والواثق.
هذه الفتنة التي لم يثبت أمامها من العلماء إلا إمام أهل السنة الإمام أحمد بن حنبل -طيب الله ثراه- الذي رفض الإذعان لأهل السلطان، ولم يخش الصولجان، وضحك في وجه المنايا بعين راضية، ونفس أبية، وشخصية قوية، وعقيدة صافية لا دخن فيها ولا شوائب، وتصدى لأعدائه وهو شامخ البنيان، ثابت الجنان، فصيح اللسان؛ فقد حاول أعداؤه أن يفرضوا عقيدتهم السقيمة بالقوة، واستعانوا بذوي المناصب، فأدخل أبو عبد الله السجن، وتكسرت السياط على البساط، وهو كالجبل الأشم الذي يصعب على الأعاصير المسمومة أن تنال منه شيئًا، وبعد ذلك منَّ الله تعالى عليه، وخرج من تلك المحنة مرفوع الرأس، مشرق الوجه، عالي الجبين، وثبت الله به المؤمنين، وهذا ما حدا بعلي بن المديني أن يقول: أيد الله هذا الدين برجلين لا ثالث لهما: أبو بكر الصديق يوم الردة، وأحمد بن حنبل يوم المحنة([1][9]).
والمزني أن يقول: "أحمد بن حنبل يوم المحنة، وأبو بكر يوم الردة، وعمر يوم السقيفة، وعثمان يوم الدار، وعلي يوم الجمل وصفين"([1][10]).
ورحم الله أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه الذي ضرب أروع الأمثلة في هذا الباب؛ حيث ضرب بيد من حديد على من سولت له نفسه أن يلج باب الابتداع والتغيير في الدين؛ فتحكي كتب السير أن قومًا أتوا عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقالوا: "يا أمير المؤمنين، إنا لقينا رجلاً يسأل عن تأويل القرآن. فقال: اللهم أمكني منه. فبينا عمر ذات يوم جالس يغدي الناس إذ جاءه وعليه ثياب وعمامة فغداه، ثم إذا فرغ قال: يا أمير المؤمنين، {وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا (1) فَالْحَامِلاتِ وِقْرًا}[الذاريات: 1-2]. قال عمر: أنت هو، فمال إليه وحسر عن ذراعيه، فلم يزل يجلده حتى سقطت عمامته، ثم قال: احملوه حتى تقدموه بلاده، ثم ليقم خطيبًا، ثم ليقل: إن صبيغًا ابتغى العلم فاخطأ، فلم يزل وضيعًا في قومه حتى هلك وكان سيد قومه"([1][11]).
وقيل: إن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كتب إلى قومه ألا يجالسوه، فلو جاء وهم مائة لتفرقوا.
ونتيجة لهذا الحصار المفروض على صبيغ نجد أنه راجع نفسه، فذهب إلى واليه أبي موسى الأشعري فحلف له أنه لا يجد في نفسه شيئًا، فكتب إلى عمر، فكتب إليه: خل بينه وبين الناس([1][12]).
وهذا الفتى المعلّم عبد الله بن مسعود الذي امتدحه النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- فقال في حقه: "لَرِجْلُ عَبْدِ اللَّهِ أَثْقَلُ فِي الْمِيزَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ أُحُدٍ"([1][13])، كانت إيجابيته وغيرته على الدين والحفاظ عليه أعظم ما تكون؛ فقد ذُكر له أن "عمرو بن عتبة بن فرقد السلمي ومعضد في أناس من أصحابهما اتخذوا مسجدًا يسبحون فيه بين المغرب والعشاء كذا، ويهللون كذا، ويحمدون كذا، فأخبر بذلك عبد الله بن مسعود فقال للذي أخبره: إذا جلسوا فآذني. فلما جلسوا آذنه. فجاء عبد الله عليه برنس حتى دخل عليهم فكشف البرنس عن رأسه ثم قال: أنا ابن أم عبد، والله لقد جئتم ببدعة ظلماء، أوقد فضلتم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم علمًا؟! فقال معضد -وكان رجلاً مفوهًا: والله ما جئنا ببدعة ظلماء، ولا فضلنا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم. فقال عبد الله: لئن اتبعتم القوم لقد سبقوكم سبقًا مبينًا، ولئن جرتم يمينًا وشمالاً لقد ضللتم ضلالاً بعيدًا"([1][14]).
وأخيرًا نختم بالصحابي الجليل عبد الله بن عمر الذي لقب بـ"مجنون السنة" الذي أعلن براءته ممن ابتدعوا القول في القدر، فأخرج مسلم، عن يحيى بن يعمر قال: "كَانَ أَوَّلَ مَنْ قَالَ فِي الْقَدَرِ بِالْبَصْرَةِ مَعْبَدٌ الْجُهَنِيُّ، فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَحُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحِمْيَرِيُّ حَاجَّيْنِ أَوْ مُعْتَمِرَيْنِ فَقُلْنَا: لَوْ لَقِينَا أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلْنَاهُ عَمَّا يَقُولُ هَؤُلاَءِ فِي الْقَدَرِ، فَوُفِّقَ لَنَا عَبْدُ اللَّهِ ابْنُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ دَاخِلاً الْمَسْجِدَ، فَاكْتَنَفْتُهُ أَنَا وَصَاحِبِي أَحَدُنَا عَنْ يَمِينِهِ وَالآخَرُ عَنْ شِمَالِهِ، فَظَنَنْتُ أَنَّ صَاحِبِي سَيَكِلُ الْكَلامَ إِلَيَّ فَقُلْتُ: أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، إِنَّهُ قَدْ ظَهَرَ قِبَلَنَا نَاسٌ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ وَيَتَقَفَّرُونَ([1][15]) الْعِلْمَ، وَذَكَرَ مِنْ شَأْنِهِمْ، وَأَنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنْ لاَ قَدَرَ، وَأَنَّ الأَمْرَ أُنُفٌ. قَالَ: فَإِذَا لَقِيتَ أُولَئِكَ فَأَخْبِرْهُمْ أَنِّي بَرِيءٌ مِنْهُمْ، وَأَنَّهُمْ بُرَآءُ مِنِّي، وَالَّذِي يَحْلِفُ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ لَوْ أَنَّ لأَحَدِهِمْ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا فَأَنْفَقَهُ مَا قَبِلَ اللَّهُ مِنْهُ حَتَّى يُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ"([1][16]).
أرأيتم كيف غار عبد الله بن عمر على العقيدة وتبرأ من الذين أرادوا أن ينفوا القدر، إنه يضرب لنا المثل الأعلى في الإيجابية وفي الغيرة على دين الله، وعقيدة المسلمين الصحيحة.
2-تمنع من عذاب الله سبحانه
المسلم الفطن هو الذي يعرف كيف يقي نفسه من السوء، بل ويقي غيره منه، وأعظم السوء أن يحل بقوم غضب الله وعقابه وانتقامه لذنوب اقترفوها ولم يرجعوا عنها.
ولا يحل العذاب بقوم إلا إذا فشا فيهم المنكر غير عابئين بنصح ناصح أو إرشاد مرشد، والطامة الكبرى أن يقع الجميع في المنكر ولا يوجد من يردهم عنه.
ولاشك أن الذي يتحرك لتغيير المنكر هو الذي ينجيه الله سبحانه من سوء العذاب، ويتضح هذا من تلك القصة التي أمر الله سبحانه رسوله محمدًا -صلى الله عليه وآله وسلم- أن يذكّر يهود بها، فقال: {وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لا يَسْبِتُونَ لا تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (163) وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (164) فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ}[الأعراف: 163-165].
قال صاحب الظلال: "انقسم سكان القرية الواحدة إلى ثلاث أمم: أمة عاصية محتالة. وأمة تقف في وجه المعصية والاحتيال وقفة إيجابية بالإنكار والتوجيه والنصيحة. وأمة تدع المنكر وأهله، وتقف موقف الإنكار السلبي ولا تدفعه بعمل إيجابي.. وهي طرائق متعددة من التصور والحركة، تجعل الفرق الثلاث أممًا ثلاثًا!
فلما لم يُجْدِ النصح، ولم تنفع العظة، وسدر السادرون في غيهم، حقت كلمة الله، وتحققت نذره. فإذا الذين كانوا ينهون عن السوء في نجوة من السوء. وإذا الأمة العاصية يحل بها العذاب الشديد الذي سيأتي بيانه. فأما الفرقة الثالثة -أو الأمة الثالثة- فقد سكت النص عنها.. ربما تهوينًا لشأنها -وإن كانت لم تؤخذ بالعذاب- إذ إنها قعدت عن الإنكار الإيجابي، ووقفت عند حدود الإنكار السلبي. فاستحقت الإهمال وإن لم تستحق العذاب"([1][17]).
وكذلك أكد القرآن على هذا الأمر في قوله تعالى: {فَلَوْلا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الأرْضِ إِلاَّ قَلِيلاً مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ وَكَانُوا مُجْرِمِينَ (116) وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ}[هود: 116-117].
قال الحافظ ابن كثير: "يقول تعالى: فهلا وجد من القرون الماضية بقايا من أهل الخير، ينهون عما كان يقع بينهم من الشرور والمنكرات والفساد في الأرض.
وقوله: {إِلاَّ قَلِيلاً} أي: قد وجد منهم من هذا الضرب قليل، لم يكونوا كثيرًا، وهم الذين أنجاهم الله عند حلول غضبه، وفجأة نقمته؛ ولهذا أمر تعالى هذه الأمة الشريفة أن يكون فيها من يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر"([1][18]).
وقد أكد الأستاذ سيد قطب على أن هذه سنة كونية في الأمم؛ "فالأمة التي يقع فيها الفساد بتعبيد الناس لغير الله، في صورة من صوره، فيجد من ينهض لدفعه هي أمم ناجية، لا يأخذها الله بالعذاب والتدمير. فأما الأمم التي يظلم فيها الظالمون، ويفسد فيها المفسدون، فلا ينهض من يدفع الظلم والفساد، أو يكون فيها من يستنكر، ولكنه لا يبلغ أن يؤثر في الواقع الفاسد، فإن سنة الله تحق عليها، إما بهلاك الاستئصال. وإما بهلاك الانحلال.. والاختلال!
فأصحاب الدعوة إلى ربوبية الله وحده، وتطهير الأرض من الفساد الذي يصيبها بالدينونة لغيره، هم صمام الأمان للأمم والشعوب.. وهذا يبرز قيمة كفاح المكافحين لإقرار ربوبية الله وحده، الواقفين للظلم والفساد بكل صوره.. إنهم لا يؤدون واجبهم لربهم ولدينهم فحسب، إنما هم يحولون بهذا دون أممهم وغضب الله، واستحقاق النكال والضياع.."([1][19]).
وهناك إلى جانب آيات الله سبحانه أحاديث النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- التي تدل على هذا الباب؛ حيث يقول رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم: "إِنَّ اللَّهَ سبحانه لاَ يُعَذِّبُ الْعَامَّةَ بِعَمَلِ الْخَاصَّةِ حَتَّى يَرَوْا الْمُنْكَرَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِمْ -وَهُمْ قَادِرُونَ عَلَى أَنْ يُنْكِرُوهُ- فَلاَ يُنْكِرُوهُ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَذَّبَ اللَّهُ الْخَاصَّةَ وَالْعَامَّةَ"([1][20]).
فهذا الحديث الشريف يبين لنا فيه الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم- أن الله تعالى لا يعذب العامة بعمل الخاصة إلا إذا انتشر المنكر بين الناس وأقروه ولم يحاولوا مقاومته، فهنا ينزل العذاب على العامة جزاءً وفاقًا؛ لأنهم لم تتغير وجوههم، ولم تحزن قلوبهم على حرمات الله المنتهكة.
وقد جاء عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- حديث يبين هذا حينما سألته أمنا زينب بنت جحش -رضي الله عنها- فقالت: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ؟ قَالَ: "نَعَمْ، إِذَا كَثُرَ الْخَبَثُ"([1][21]).
فالإيجابية تحمي العامة من عذاب الله؛ حيث إنها تعد بمثابة الشمعة المضيئة التي تهدي الحيارى، وترشد التائهين إلى طريق رب العالمين.
لاتنسي ان تشكر من تعب في هذا


| مدونه شباب مصر |قرءان كريم| بث مباشر | كتب تنميه بشريه |فيديوهات تنميه بشريه| كتب اسلاميه|ادعيه|اناشيد اسلاميه|افلام عربى | افلام اجنبى | مسلسلات | اغانى و كليبات | احدث البرامج | منوعات | مصارعه |العاب | فى مدونه شباب مصرانت فى بيتك اكيد | يرجى عدم نقل الموضوع الا بعد ذكر مصدره و شكرا لتعاونكم معنا
تنبيه : المرجوا عدم نسخ الموضوع بدون ذكر مصدره المرفق بالرابط المباشر للموضوع الأصلي وإسم المدونة وشكرا
abuiyad