بعد ان تكلمنا عن
نتكلم عن
نتكلم عن
"علامات الاسم"
بِالْـجَرِّ والتََّنْوِيْنِ والنِّـدا وَأَلْ | وَمُسْنَدٍ لِلاسْمِ تَمْيـِيْزٌ حَصـَلْ |
الشرح:
المعنى الإجمالي للبيت هو أن تمييز الاسم عن قسيميه (الفعل و الحرف) إنما يحصل بعلامات هي: الجر والتنوين والنداء وأل والإسناد إليه، وإليك شرح هذه العلامات بالتفصيل:-
( بِالجَرِّ )أول هذه العلامات: الجر.
والجر إما أن يكون بالحرف أو الإضافة أو التبعية، ومثال ذلك (مررتُ بغلامِ زيدٍ الفاضلِ)، فغلام: مجرور بالحرف، وزيدٍ: مجرور بالإضافة، والفاضلِ: مجرور بالتبعية. ومثاله أيضاً (بسم اللهِ الرحمنِ الرحيمِ).
شبهة :-
فإن قيل: إن حرف الجر قد دخل في اللفظ على ما ليس باسم نحو (عجبتُ مِنْ أنْ يقومَ) فـ(أن) هنا حرف بالاتفاق، فكيف يكون الجر علامة من علامات الاسم وقد دخل في اللفظ على ما ليس باسم؟
الجواب: أن الجر - الذي هو علامة للاسم - ليس المراد به حرف الجر، بل المراد به الكسرة التي يحدثها عامل الجر سواء كان العامل حرف الجر أم الإضافة أم التبعية كما مثَّلنا بقولنا (مررتُ بغلامِ زيدٍ الفاضلِ)، وبهذا تعرف خطأ من يقول: إن المقصود بالجر هو حرف الجر لأنه قد يدخل لفظاً على ما ليس باسم. ثم إن ذلك لا يتناول الجر بالإضافة ولا الجر بالتبعية فلا يكون شاملاً.
( وَالتَّنْوِيْنِ )ثاني علامات الاسم: التنوين.
والتنوين: هو نون ساكنة تلحق الآخر لفظاً لا خطاً لغير توكيد.
فخرج بقولنا (نون ساكنة):- نحوُ (رعشنٍ) للمرتعش.
وخرج بقولنا (تلحق الآخر):- النونُ التي في نحو (أنْكر) و (أنْت)؛ فإنها وإن كانت ساكنة فهي ليست في آخر الكلمة.
وخرج بقولنا (لفظاً لا خطاً):- النونُ اللاحقة لآخر القوافي (وسيأتي الكلام عنها مفصلاً في موضعه) فهي وإن كانت ساكنة ولاحقة لآخر الكلمة فهي تثبت لفظاً وخطاً.
وخرج بقولنا (لغير توكيد):- نحو (لنسفعاً) و (لتضربُنْ يا قوم) و (لتضربنْ يا هند).
إذاً فكل ما لا ينطبق عليه تعريف التنوين لا يصح أن نطلق عليها اسم التنوين، وإن سميت تنويناً في بعض الأحيان فهو من باب التسمية المجازية وليست من الحقيقة التي وضع لها لفظ التنوين، فإذا وجدت مثل ذلك في كلمة فلا تحكم بأنها اسم حتى توجد فيها علامة أخرى من علامات الاسم التي نحن بصدد شرحها.
* أنواع التنوين:-
1. تنوين التنكير:- وهو اللاحق للأسماء المعربة كزيدٍ ورجلٍ، ويستثنى من ذلك نحو (مسلماتٍ) ونحو (غواشٍ) -أصلها غواشي- فإنه سيأتي حكمها.
وفائدة هذا التنوين الدلالة على خفة الاسم وتمكنه في باب الاسمية، لكونه لم يشبه الحرف فيبنى ولا الفعل فيمنع من الصرف.
2. تنوين التنكير:- وهو اللاحق لبعض المبنيات للدلالة على التنكير، نحو (مررتُ بسيبويهِ وسيبويهٍ آخر)، وأيضاً إذا قلت لشخص يتكلم: (صهْ)، فإنك بذلك تعني أن يسكت عن كلام معين مقصود، وأما إذا قلت له: (صهٍ)، فإنك بذلك تأمره بأن يسكت عن أي حديث يتحدث به لا عن حديث مقصود بعينه؛ لأنها بإضافة تنوين التنكير إليها صارت نكرة.
3. تنوين المقابلة: وهو اللاحق لما جمع بألف وتاء مزيدتين نحو (مسلماتٍ)، وسمي بذلك لأنه يقابل النون في جمع المذكر السالم نحو (مسلمين).
4. تنوين العوض:- وهو على ثلاثة أقسام:
أ. عوض عن جملة: وهو الذي يلحق (إذ) عوضاً عن جملة تكون بعدها نحو قوله تعالى (فَلَوْلا إِذَا بَلَغَتِ الحُلْقُوْمَ * وَأَنْتُمْ حِيْنَئِذٍ تَنْظُرُوْنَ)، أي وأنتم حينئذْ بلغت الروح الحلقوم تنظرون.
ب. عوض عن اسم: نحو (كلٌّ قائم) أي كلُّ إنسانٍ قائم، ومنه قوله تعالى (قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شاكِلَتِهِ)، وما ينطبق على (كل) في ذلك ينطبق على (بعض) كقوله:
يريد بذلك: فمطلت بعض الديون وأدت بعضه الآخر.
داينْتُ أروى والدُّيونُ تُقْضى فمَطَلَتْ بَعْضاً وأدَّتْ بَعْضاً
جـ. عوض عن حرف: وهو التنوين اللاحق للاسم المنقوص في حالة الرفع والجر عوضاً عن الياء المحذوفة نحو (مررْتُ بجوارٍ) -أصلها جواري- ونحو قوله تعالى (وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَواشٍ).
شبهة :-
فإن قيل: قد زاد جماعة على ما ذكر من أنواع التنوين تنوين الترنم: وهو التنوين اللاحق للقوافي المطلقة، أي التي في آخرها حرف مد، كقوله:
الأصل (العتابا) و (أصابا)، فجيء بالتنوين بدلاً من الألف لترك الترنم، وكقوله:
أقِلِّي اللَّومَ عاذِلَ والعِتابَنْ وقولي إنْ أصبْتُ لقد أصابَنْ
وزاد بعضهم تنوين الغالي: وهو التنوين اللاحق للقوافي المقيَّدة زيادة على الوزن، كقوله:
أَزِفَ التَّرَحُّلُ غيرَ أنَّ رِكابنا لمَّا تَزُلْ برِحالِنا وكأَنْ قَدِنْ
وإنه كما تلاحظ قد دخل فيها التنوين على ما ليس باسم مثل (أصابَنْ) و (قَدِنْ) فكيف يصح أن يجعل التنوين علامة من علامات الاسم؟
وقاتِمِ الأعماقِ خاويْ المُخْتَرَقْنْ مُشْتَبِهِ الأعلامِ لمّاعِ الخَفَقْنْ
الجواب عن ذلك أن نقول: إن الحق في هذين التنوينين أنهما نونان وليسا من أنواع التنوين في شيء؛ لثبوتهما مع أل وفي الخط والوقف ولحذفهما في الوصل، فإذا عرفت هذا وقارنته مع تعريف التنوين الذي ذكرناه سابقاً علمت أن هذه التسمية إنما هي من باب المجاز لا الحقيقة؛ فإنك لو أطلقت التنوين على المعنى الحقيقي له لم يشملهما. وبذلك تُرَدُّ هذه الشبهة ويبقى كلام المصنف على إطلاقه.
( وَالنِّدا )ثالث علامات الاسم: النِّداء.
نحو (يا زيدُ) ونحو (يا فاعلَ الخير أقبل).
شبهة :-
قد دخلت أداة النداء على ما ليس باسم في نحو قول الشاعر:
فإن قوله (اسلمي) فعل أمر.
ألا يا اسْلمي يا دارَ مَيَّ على البِلى ولا زال مُنْهَلاً بِجَرْعائِكِ القَطْرُ
ونحو قوله:
فقوله (ليت) حرف.
يا ليتَني وأنْتِ يا لَمِيْسُ في بلدة ليس بها أَنيسُ
وقوله صلى الله عليه وسلم (يا رُبَّ كاسيةٍ في الدنيا عاريةٌ يوم القيامة) رواه البخاري.
فكيف يصح أن يكون النداء علامة من علامات الاسم وقد دخل على ما ليس باسم؟
الجواب:- القول في هذا كالقول في علامة الجر وحرف الجر (كما تقدم شرحه)؛ فإن المقصود بالنداء - من حيث كونُهُ علامة للاسم - ليس دخول أداة النداء، وإنما المقصود به كون الاسم منادى، فإنه فيما سبق من الأبيات لم يقصد الشاعر نداء فعل الأمر (اسلمي) وكذلك في البيت الآخر لم يقصد نداء الحرف (ليت)، ومثل ذلك يقال في الحديث النبوي وما شابهَ ذلك من الأمثلة، وإنما نقول: إن المنادى في مثل هذا محذوف، كأن نقول في الحديث إن التقدير: يا قوم رب كاسية ... وهكذا.
وقيل وجه آخر وهو أن (يا) هنا ليست للنداء وإنما هي حرف تنبيه مثل (ألا)، وبذلك تنتفي الشبهة ويصح ما قاله ابن مالك -رحمه الله- عل إطلاقه.
وظيفة (1) :- أعرب قوله صلى الله عليه وسلم (يا رُبَّ كاسيةٍ في الدنيا عاريةٌ يوم القيامة). وأرسل الجواب عن طريق بريدك الإلكتروني إلى العنوان التالي:tarekmasad@hotmail.com( وألْ )ثالث علامات الاسم التي ذكرها المصنف: أل (غير الموصولة).
وهذه العبارة (أل) أولى من عبارة من يقول الألف اللام؛ لأنك لا تقول في (بل) الباء واللام، ولا تقول في (هل) الهاء واللام، وإنما تقول: بل وهل، فكذلك قل: أل.
شبهة :-
قال الفرزدق:
وقوله (تُرضى) فعل مضارع وقد دخلت عليه أل فما وجه ذلك؟
ما أنت بِالحَكَمِ التُّرْضى حُكومَتُهُ ولا الأصيلِ ولا ذي الرَّأيِ والجَدَلِ
نقول أولاً: إن المقصود بأل - التي هي علامة من علامات الاسم - هي أل غير الموصولة، وهي في قول الفرزدق هذا اسم موصول بمعن الذي، فإن قلتَ: كيف حكمت بأن قصد ابن مالك هو أل غير الموصولة؟ فأقول: لأن ابن مالك يجيز دخول أل الموصولة على غير الاسم كما حكاه عنه ابن عقيل.
ونقول ثانياً: قال ابن هشام -في كتابه شرح شذور الذهب- بعد ذكره لهذا البيت:( ذلك ضرورة قبيحة، حتى قال الجرجاني ما معناه: إن استعمال ذلك في النثر خطأ بإجماع، أي أنه لا يقاس عليه)
ويؤيده أن ذلك عند جمهور البصريين مخصوص بالشعر.
( وَمُسْنَدٍ لِلاسْمِ تَمْيِيْزٌ حَصَلْ )آخر ما ذكره المصنف من علامات للاسم: الإسناد إليه.
أي أن تنسب إليه ما تحصل به الفائدة. سواء كان المسنَدُ فعلاً أو اسماً أو جملة.
فالفعل نحو (قامَ زيدٌ)، فقام فعل مسنَد، وزيد اسم مسنَد إليه.
والاسم نحو (زيدٌ أخوك)، فالأخ مسنَد، وزيد مسنَد إليه.
والجملة نحو (زيدٌ قامَ أبوه)، فجملة قام أبوه مسنَد، وزيد مسنَد إليه.
شبهة :-
فإن قيل: فكيف يصح إذاً إسناد (خير) إلى الفعل (تسمع) في قولهم (تسمعُ بالمُعَيْدِيِّ خيرٌ مِنْ أنْ تراهُ)؟؟
فقل: إن الجملة على تقدير (أن) قبل الفعل (تسمع) فيكون المسندُ إليه في هذه الحالة المصدرَ المؤولَ من أن والفعل، إذاً فالإخبار هنا عت الاسم وليس عن الفعل كما قد يتوهم، فالتقدير (سماعُك بالمُعَيْدِيِّ خيرٌ مِنْ أنْ تراهُ)، كما في قوله تعالى (وأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ) أي وصومُكم خيرٌ لكم. والله أعلم.
فإن قيل: ولكن الفعل (تسمعُ) في هذا القول مرفوع وليس منصوباً مع أنَّ (أنْ) تنصب الفعل المضارع.
غفل: إن القياس يقتضي أنه متى حذف الناصب للمضارع ارتفع لبفعل وذلك لضعف عامل النصب.
وقد روي هذا المثل أيضاً بثبوت (أنْ) (أن تسمعَ بالمعيدي ...).
ملاحظة:-
هذه العلامات التي ذكرها المصنف إذا وجد أي منها في كلمة فاحكم بأنها اسم، فهذا لا يعني بالضرورة أن تتواجد هذه العلامات كلها في كلمة لتحكم بذلك، فيكفي أن تقبل الكلمة واحدة من هذه العلامات لتحكم بأنها اسم.
هذا وقد قال السيوطي في (الأشباه والنظائر في النحو): تتبَّعنا جميع ما ذكره الناس من علامات الاسم فوجدناها فوق ثلاثين علامة، وهي:
الجر وحروفه، والتنوين، والنداء، وأل، والإسناد إليه، وإضافته، والإضافة إليه، والإشارة إلى مسماه، وعود الضمير إليه، وإبدال اسم صريح منه، والإخبار به مع مباشرة الفعل، وموافقة ثابت الاسمية في لفظه ومعناه، ونعته، وجمعه تصحيحاً، وتكسيره، وتصغيره، وتثنيته، وتذكيره، وتأنيثه، ولحوق ياء النسبة له، وكونه فاعلاً أو مفعولاً، وكونه عبارة عن شخص، ودخول لام الابتداء، وواو الحال، ولحوق ألف الندبة، وترخيمه، وكونه مضمراً، أو علماً، أو مفرداً منكراً، أو تمييزاً، أو منصوباً حالاً. اهـ.
قاعدة:
كل علامتين من علامات الاسم إما أن يتفقا فيما يدلان عليه من معنىً أو يختلفا اختلاف تضاد أو يختلفا دون تضاد:
فإن اتفقا فإنه يمتنع اجتماعهما في الاسم الواحد، مثاله (أل و الإضافة)، فإن كلاً منهما يدل على التعريف للاسم، وبالتالي لا يجوز أن يجتمعا.
وإن اختلفا اختلاف تضاد فيمتنع اجتماعهما أيضاً، مثاله (التنوين و الإضافة)، فإن التنوين يدل على التنكير، وأل تدل على التعريف كما سبق، وبالتالي لا يجوز اجتماعهما.
وأما إن اختلفت العلامتان فيما تؤديانه من معنى دون تضاد بينهما فإنه يجوز اجتماعهما، مثاله (أل و التصغير للاسم).
وظيفة (2) :- هل تعتبر التاء في قولنا (ضربْتُ) اسماً؟ وضح إجابتك مستعيناً بما ذكره العلامة ابن مالك في هذه الألفية.
وأرجو إرسال حل هذه الوظيفة مع سابقتها.
ولله الحَمْدُ والمِنَّة
تنبيه : المرجوا عدم نسخ الموضوع بدون ذكر مصدره المرفق بالرابط المباشر للموضوع الأصلي وإسم المدونة وشكرا
0 التعليقات: